السبت، 13 يونيو 2015

عودة الملائكة قصة ل فرحات جنيدى



وكالة أنباء البرقية التونسية الدولية 

مدير مكتب القاهرة – فرحات جنيدي 

عودة الملائكة قصة ل فرحات جنيدى

10376723_837260053001171_8233439209464718505_n

انتهت الصلاة وتلاشى صمت الخشوع وعلت همهمات الناس فصاحت الأطفال وتداخلت أصوات الباعة , نهض بوقار وهو يهندم ملابسه ويداعب ذقنه الناصع البياض بأطراف أصابعه , اقترب من الإمام وأخذ الميكرفون وطلب من المصلين والباعة الإنصات وهو يصيح الله أكبر الله أكبر . انتبه الناس وخيم الصمت فقال : لقد رزقني الله بنور من السماء أشبه بنور الصباح تسلل لي عبر النافذة قبل صلاة الفجر فنهضت استعد ليومي فإذ بطارق على الباب فتحت الباب فإذ بجبريل عليه السلام يأخذ بيدى إلى الطريق وهو حزين على ما وصلنا إليه وطلب منى وهو يودعنى : أن أبلغكم أنه قادم للصلاة معكم فى آخر جمعة من هذا الشهر . صاح الناس وهموا نحو الإمام وهم يصرخوا فى وجه ذلك الرجل ومنهم من كان قاسى فضربه ومنهم من دافع عنه وامتلأ المسجد بهمهمات الناس وعادت أصوات الباعة تعلو مع أصوات الأطفال , وإذ بابنتي الصغيرة تشد على ذراعي فانحنيت إليها فقالت : ألم تقل لى يا أبى إني ملاك ؟ قلت : نعم أنتِ أجمل ملاك . فقالت : ولقد علمتني أمى أن جبريل هو ملاك الوحي . قلت : نعم هذا صحيح . فقالت : فهل سنأتي لنرى جبريل ؟ . ارتسمت علامات التعجب على وجهي وبين صمتى وذهولى بما اخترق عقل ابنتي تسرب إلى أذني صوت الإمام وهو يصيح فى الميكرفون : لقد انتهى زمن المعجزات وولى , فقلت لقد انتهى زمن المعجزات وولى والملائكة لا تعتلى المنابر . فقالت : ولماذا ولى زمن المعجزات ؟ فقلت : لأنه قد ختمت النبوة ، فالمعجزة أمر خارق للعادة يظهره الله على يد مدعي النبوة تصديقًا له في دعواه ، فهي بمثابة قول الله تعالى صدق عبدي فيما يبلغ عني ، ولما ختمت النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم كان بديهيًا أن يكون قد زمن المعجزات قد انتهى لانتهاء زمن بعثة الرسل ، وفجأة وجدت ذلك الرجل الذى يدعى عودة ملاك الله جبريل يقف خلفى ويضع يده على ابنتي . ارتجف قلبى ونهرته ومحوت يده من فوق كتف صغيرتى فابتسم وقال : مهلك لا تكن مثلهم ولا تقل قولهم . فقلت بثقة : بل أقل ما أشاء فلقد ولى زمن المعجزات بالفعل وما تقوله أنت ما هو إلا جنون أو مس من الشيطان الرجيم . فقال : وإذا كانت المعجزات قد انتهت فقد بقيت كرامات الأولياء ، وهي أمـر خارق للعادة يظهره الله عز و جل علي أيدي أوليـائه. فقلت : وهل الكرامات للأوليـاء تشبه المعجزات ؟ فقال : إن الكرامة غير مقرونة بالمعجزة أو دعوة النبوة وإنما رؤيا قابلة للتحقيق فلا تغلق عقلك فالإصرار على رأي واحد والنظر إلى الأمور من زاوية معيّنة يعتبر تعطيلا لقدراتك ولعقلك ، حصن عقلك من الركود الفكري بالإنصات إلى مختلف الأفكار ووجهات النظر ومناقشتها والتفكير فيها وتحليلها ، لا تكن ذا نظرة سطحية ضيق الأفق . فقلت : لكن الملائكة لا تأتِ للبشر فى الحقيقة أو الخيال فإن الملائكة خلقت من نور ولا يمكن لأحدٍ أن يدَّعي أنه رآها على صورتها الحقيقية إلا أن يكون نبيّاً يُصدَّق قوله ، وأما أن يراهم متشكلين على هيئة أحدٍ من البشر فيمكن هذا لعامة الناس وخاصتهم وقد جاء في السنَّة النبوية من ذلك كثير سواء في هذه الأمة أو في الأمم التي قبلها . وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو موفور العقل والدين لم يحتمل رؤية جبريل عليه السلام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها فكيف تحملت أنت هذا إن سلَّمنا أنك رأيته أصلاً…


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق