وكالة أنباء البرقية التونسية الدولية
الإرهاب لا دين له
بقلم : عبدالرحيم حشمت عسيري . المحامي

منذ اللحظة الأولى لوقوع التفجير الإرهابي الأول من نوعه على أرض الكويت - ونتمنى أن يكون الأخير - هرع رجال الأمن ، والرموز الوطنية ، وكبار المسئولين ، والنواب ، والوزراء ، وفي مقدمتهم جميعا صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه .. الذي خالف قواعد البرتوكولات الرسمية ، وضرب بعرض الحائط جميع التحذيرات الأمنية ، وصمم على التواجد في موقع الحادث لحظة وقوعه ، وإغرورقت عيناه بالدمع عندما رأى الضحايا من شهداء ومصابي العملية الإجرامية الغادرة التي وقعت في مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر بالكويت العاصمة أثناء صلاة ظهر يوم الجمعة الفائتة وراح ضحيتها 27 شهيدا و أكثر من 220 مصابا .
خيمت مشاعر الحزن والأسى على وجوه أبناء الكويت كافة ، وتوالت تصريحات التنديد والشجب والإدانة من جميع دول العالم ، والأهم أن أبناء الشعب الكويتي كله بكافة طوائفه وجميع أطيافه أدانوا هذه الجريمة الإرهابية النكراء التي كشفت عن الوجه القبيح لهذا الإرهاب الأسود اللعين الذي لا وطن و لا دين ، وأكدت هذه الجريمة الإرهابية البشعة من جديد على وحدة الكويتيين الصلبة ، وروح التضامن السائدة ، وقوة التلاحم الصلدة .. ظهر ذلك بوضوح شديد في ثلاثة مشاهد المشهد الأول هو إعلان الكويتيين حكاما ومحكومين على المضي قدما في محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه بكل الطرق والوسائل وأنهم عقدوا العزم وبيتوا النية على وأد الفتنة الطائفية في مهدها ، والمشهد الثاني هو تدفق الكويتيين رجالا ونساء شبابا وشيبا على بنك الدم للتبرع بدمائهم لإنقاذ إخوانهم المصابين في هذا التفجير الإرهابي اللعين ، وأما المشهد الثالث فهو إعلان شباب الكويتيين عن استعدادهم الكامل لحماية مساجد الكويت بصدور عارية كدروع بشرية .
لكن الجانب المشرق في هذا الحادث المؤسف له وجهين أما الوجه الأول فهو هذا التلاحم الشعبي العفوي الخالي تماما من أي تنسيق أو تنظيم أو ترتيب أو اتفاق الذي شهده العالم كله والذي إن دل على شيء فإنما يدل على وحدة الكويتيين الوطنية ، وإعلائهم للانتماء للكويت الأرض والشعب والقيادة على أي انتماءات فئوية ضيقة ، أو قبلية متعصبة ، أو طائفية بغيضة .. وأما الوجه الثاني فهو يؤكد على أن كل محاولات زرع الفتنة الطائفية للوقيعة بين أبناء الكويت سوف تتحطم على صخرة وحدتهم الوطنية ، ووعيهم لما يحاك لهم بليل من مخططات ومؤامرات ، وما يراد لهم من تشرذم وانشقاقات ، وما يكنه لهم أعداء الأمة العربية من حسد وغل وكراهية وأحقاد .
كل الشواهد تؤكد على أن هذا الإرهاب الأسود اللعين مهما كان خطره ومهما بلغت خسائره لن ينال من عزم الكويتيين ، ووحدتهم الوطنية ، ولن يزعزع استقرار بلادهم فالإرهاب على مدار التاريخ لم يهزم دولة فما بالنا إذا كانت هذه الدولة هي الكويت صاحبة الأيادي البيضاء التي استهدفت بأعمالها الخيرية الكرة الأرضية من أقصاها إلى أدناها .. نعم الكويت بلا أدنى مبالغة هي بكل لغات العالم صاحبة فضل على البشرية جمعاء عربا وعجما مسلمين وغير مسلمين لذلك سيندحر هذا الإرهاب اللعين ومؤيدوه وداعموه وممولوه وسيصبحون في يوم قريب بالنسبة للكويتيين مجرد ذكري مؤلمة أما الإرهابيين الذين انحرفوا عن كل الأعراف والمواثيق والأديان فسيحتلون مكانهم الطبيعي في مذبلة التاريخ بين أمثالهم من المجرمين والسفاحين .. نعم سيندحر الإرهاب من الكويت كما اندحر من قبل في ثمانينيات القرن الماضي وسيبقى الشعب الكويتي ينعم بالأمن والأمان .
وبالرغم من هذه الشواهد الإيجابية المطمئنة فإن هذه اللحظة التاريخية الفارقة في تاريخ الأمة تقتضي من أبناء الشعب الكويتي الاعتبار بما آل إليه مصير دول الجوار من فرقة وفتنة وتشرذم واقتتال بين أبناء الوطن الواحد .. والذي لا يصب في النهاية إلا في صالح أعداء الوطن والدين سواء كانوا الأعداء التاريخيين ، أو الذين يعيشون في أوهام الماضي ويودون أن يعودوا سلاطين على العرب كما كانوا من قبل على مدى قرابة ثمانمائة سنة ، أو المتربصين الذين يتحينون الفرصة للانقضاض على ما تبقى من عواصم عربية في إطار سعيهم الدءوب لتحقيق أحلامهم المستحيلة في إقامة إمبراطوريتهم الغابرة على أنقاض الدول العربية وأشلاء أبنائها لذلك يجب على الكويتيين والمقيمين على حد سواء أخذ الحيطة والحذر لتدارك هذا الخطر وذلك بنبذ الفتنة وعدم الانقياد وراء دعاوي الفرقة والتمسك بوحدة الصف ووحدة الهدف والمستقبل والمصير المشترك وأن يصبح كل واحد من الكويتيين والمقيمين خفير كما قال سمو الأمير حفظه الله ورعاه وسدد خطاه .
ستظل دولة الكويت - رغم أنف الإرهابيين والداعمين لهم من المتربصين والحاقدين وتجار الدين - واحة أمن وأمان واستقرار إلى يوم الدين .. لكل الكويتيين وجميع المقيمين الذين يعيشون على هذه الأرض الطيبة وينعمون بخيرات هذا البلد العربي الأصيل الآمن الكريم .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق