وكالة أنباء البرقية التونسية الدولية
مابين عبودية الحرية وتحرر الفكر ...... بقلم د.شريف عبد الباقي

الحرية .... غاية كل البشر منذ بدء الخليقة ... فهي الهدف المفقود والحلم الضائع ومآساة الأنسانية ... وخصوصاً في حرية الإبداع والفكر ... فالكثير يندد وينادي بالحرية المطلقة وتحشد المظاهرات والوقفات ... وإذا مابحثنا سنجد اختلاف الرؤى في معنى الحرية أوجد تبايناً في تحديد مفهومها .. فكل إنسان يرى الحرية من منظوره الخاص وحسب مبادئة ومعتقداته ... ولكن هل معنى ذلك أن الحرية ستظل الأمل المفقود على الأرض ؟ .
الحرية التي يبحث عنها الكثير هي الحرية المطلقة ... وهي أمر لايمكن الحدوث ومن المستحيلات إن يحدث فالحرية المطلقة هي بعينها العبودية المطلقة ... فإن لم يكن للحريات حدود لاتتعداها فإنه سيصبح في الحياة كل شئ مباح ومتاح من أقل الإنتهاكات إلى أكبر الجرائم ... فسيمتلك الذئب حظيرة الحملان ... وسيمحو القوي الضعيف ... وسيطغى كل فكر فاسد وابداع كاذب ... ولن يكون للضعفاء مكان على وجه هذه الأرض ... فالحرية المطلقة التي ينادي بها الكثير لاتوجد إلا في قانون الغاب وليس بين البشر .
أي مجتمع انساني متحضر يسوده فكر راقي لابد وأن يضع حدود وضوابط لحرية أفراده بناء على اتفاق مشترك تقوم على أساسه هذه الضوابط ويقوم على حراستها وحمايتها القانون ... والقانون لايكون لحماية حريتك فحسب ولكن أيضاً على حماية الآخرين من طغيانك على حرياتهم ... وبكل تأكيد المجتمع بأسره يحتاج ويتعطش إلى حرية الفكر والإبداع لحاجته لكل فكر جديد وابداع ليتطور المجتمع ويتقدم ... ولكن هل معنى ذلك أن يعطي المجتمع الحرية المطلقة للفكر والإبداع دون ضوابط ومعايير ؟؟؟ .
الحرية في الفكر والإبداع لايمكن أن تكون مطلقة وإلا ستضل السفينة بنا وتتقاذفها أمواج الفكر يميناً ويساراً ... فحرية المفكر والمبدع لابد وان تكون بضوابط وأهمها أن من يكون له الحق في أن يقدم فكراً حراً جديداً في الأساس يكون مفكراً وليس مدعي الفكر وأن من يبدع أن يكون مبدعاً من داخله ... وأن يمتلكا من الثقافة مايكفي ويمتلك الصنعة في الإبداع الفكر والضمير الحي ... فليس كل من اعتلى المنبر خطيب وإمام وليس كل من كتب كلمات شاعراً ... أو خط خطوطاً لامعنى لها فناناً ... فالرقص والهلس ليس ابداعاً ... فحرية الفكر ليست حقاً إلا لمفكر يستطيع أن يكتب ويقدم لنا أفكاراً واضحة وليست غيوماً وعواصف تقتلع المبادئ والقيم ... وقد نختلف معهم ونتناقش حول أفكارهم وابدعاتهم و حينئذ فقط نستطيع أن نقول هذا هو المفكر والمبدع الحقيقي الذي نستطيع أن نمنحه حرية الفكر .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق