الخميس، 9 يوليو 2015

فرحات جنيدي يكتب الأزهر وتصحيح المفاهيم


وكالة أنباء البرقية التونسية الدولية



فرحات جنيدي 
مدير مكتب القاهرة - مصر
مما لا شك فيه أن الأحداث الأخيرة تحتم إجراء مراجعة شاملة لاستراتيجية مكافحة الإرهاب في مصر فنحن في حالة حرب وهي الأخطر في العصر الحديث , فانتشار التطرف والتكفير هو فتح الباب لتدمير سوريا والعراق ، وأخذ العبرة مما جرى فيهما ضروري لحماية مصر من الفوضى ولهذا يتحتم علينا المراجعة الدائمة للاستراتيجيات و الخطط الأمنية و تصحيح الأخطاء و أوجه القصور خاصة في الخطاب الدينى ودور الأزهر الشريف فالأزهر سلاحه الفكر والكلمة وهو ما يجب أن يستخدمه ضد التكفيريين، ونظرا لموقعه ودوره التاريخي الريادي يجب أن يقود مواقف علماء الأمة من كل البلدان والمذاهب في هذه المهمة العظمى التي سيسأل الجميع عنها أمام الله تعالى فالأزهر هو المؤسسة الأولى فى العالم المسلم من حيث المرجعية والتأثير ، فالسياسة والدين يستخدمان أساليب مختلفة فالسياسة بوجه عام تشتمل على مصالح مكتسبة لأنها تدير الحياة العامة ولا بد من أن تقدم تنازلات أما الدين فيعنى بالمجال الأخلاقى، ولا يمكنك تقديم تنازلات فيما يخص الأخلاق ، الدين حصن حصين وإذا سارت السياسة فى مسار خاطئ فمهمّة الدين إعادتها إلى الطريق القويم ولقد انحرفت السياسة بالفعل واتخذت من الدين رداء لها . ولهذا لن أسأل كيف دخلت مادة سي فور شديدة الانفجار إلى مصر لكن اسأل كيف استطاع هؤلاء الارهابيين تجنيد هذا العدد الكبير من المرتزقة الإرهابيين والتسلل إلى سيناء و رصد و استهداف الأكمنة الأمنية , لا نسال عن كيف وصلت صواريخ كورنيت و مضادات الطائرات إلى أيديهم لكن نسال عن الفكر الذى عزه عقولهم , غير ذلك من الأسئلة التي تحتم المراجعة و التصحيح فالأزهر بوضعه هذا اصبح حمل ثقيل تحمله مصر على صدرها ويهبط بها من الحضيض إلى أسفل سافلين لابد أن تحدث في حالة صحوة وأن يعود ليأخذ دوره الحقيقى وأن يقدم النموذج الجيد والصحيح للاسلام وأن يملأ عقول الامة بالتفسير الصحيح المستنير للإسلام لأن العدو المشترك لكافة الأديان هم أولئك المحرضون المتطرفون ، الذين يتلطون وراء الدين وهو منهم براء، سواء كانوا دواعش قتلة في سيناء أو الكويت يدعون تمثيل المسلمين السنة، أو شيوخ كراهية وتكفير في لندن يدعون تمثيل المسلمين الشيعة تحت رعاية أعداء الأمة فلقد أصبح من الواجب الملح على الأزهر الشريف فضح هؤلاء وتفنيد انحرافهم العقدي والسلوكي، وليس الدخول في صراعات جانبية حول جنس الملائكة، وملاحقة بعض المفكرين، أو الدخول في نزاعات مذهبية بغيضة في وقت حساس .خاصة في هذا الوقت الذي تبارك فيه رموز الإرهاب القتل والإجرام صراحة، كما ظهر فيما سمي "نداء الكنانة" إن من أهم إنجازات ثورة ٣٠ يونيو هو القضاء على المناخ المسموم الذي حاول الإخوان إشاعته في مصر من استهداف منظم للمسيحيين والشيعة ، كما حصل لدى إحراق الكنائس ، وسحل الشيخ حسن شحاته في مشهد غريب عن الطبيعة المصرية المتسامحة ولهذا فعلى الأزهر أن يعلن حرب التصحيح ضد هؤلاء الدواعش والمرتزقة ، نحن نعلم أن الأزهر لا يملك أدوات عسكرية لكن يملك أدوات الفكر والمعرفة ولذا ينبغي أن نتحد ونرفض جميعا كل أشكال الكراهية والتكفير والتحريض ، فالمستمع الذي يعبأ اليوم بهما سيتحول غدا إلى إرهابي يفجر نفسه بكمين عسكري أو منشأة مدنية أو مسجد أو كنيسة فحن اليوم في مرحلة لا نريد فيها شئ غير تسليح الشباب بالتفسير الصحيح للإسلام ، ولا بد من أن يفهم العالم الفرق بين الجماعات المسلحة والإسلام الحقيقى لطالما كان الأزهر من دعاة الاسلام الوسطي والوحدة الإسلامية وهو تاريخيا ضد التطرف والعنف والتكفير، وينبغي له الاستجابة لدعوة الرئيس السيسي الإصلاحية ففيها إنقاذ للوطن والدين . إن مصر والإقليم بأشد الحاجة إلى رص الصفوف بوجه الإرهاب الذي لا يفرق بين جندي ومدني ، ولا بين سني في تونس ولا شيعي في الكويت , والأزهر ليس بمؤسسة دينية فقط بل هو مؤسسة تعليمية تسير وفقًا لتعاليم الإسلام ومبادئه، وهذه الحركات المسلحة هى خارج حظيرة الإسلام ، وتتحدى الفكر الإسلامى والتعاليم الإسلامية . ويقول الله جل وعلا ( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنْ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) المائدة ) . هذه العقوبة لابد أن تطبق على هؤلاء الارهابيين الذين يقتلون الأبرياء عشوائيا ، ويحب على الأزهر أن يعلم العالم كله أن الاختلاف في الأديان والمذاهب سنة الحياة ، ويجب أن رريكون سببا في التعارف والتعايش والتعاون على المشتركات وهي الأكثر والأهم على قاعدة وحدة الإيمان وعلوّ قيمة الوطن والإنسان . .


ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق